المبادئ الجديدة في قانون أصول المحاكمات /1/ لعام 2016 (
-----------------------------------------------------------------------
نبذة عن الغياب: نصت المادة 114 من القانون الجديد على أنه:
((لا يجوز أن تجري المحاكمة إلا بصورة وجاهية أو بمثابة الوجاهي))
وهذا النص مطابق حرفياً للمادة 113 من القانون السابق، لم يجرِ عليه أي تعديل، ولكن نريد استغلال المناسبة للإضاءة على مصطلح: (بمثابة الوجاهي)
كانت المحاكمة قديماً تجري بمواجهة المدعى عليه، إما بحضوره أو بغيابه، أي إما وجاهية أو غيابية،
وكانت المحاكمة الغيابية مشوبة ومثلومة من الناحية الأخلاقية بسبب صدور الحكم على المدعى عليه دون تمكنه من الدفاع عن نفسه، وبالتالي تكون العدالة ومختلّة وناقصة لهذه الناحية، مما دعا التشريعات القديمة لمنح المدعى عليه الحق بإعادة المحاكمة الغيابية حينما يعلم بالحكم الصادر عليه، شرط ألا يكون حضر إحدى جلسات المحاكمة وتغيب، مما يدلّ على علمه اليقيني بالمحاكمة الجارية بحقه، فإن غاب عنها يكون قد فرّط بحقه في الدفاع عن نفسه، وتطبق عليه حينها قاعدة (من تَرَكَ تُرِكْ).
ولكن أسيء استخدام هذا الحق فصار المدعى عليه يتعمد الغياب عن المحاكمة بقصد كسب الوقت وإعادتها مجدداً، مما كان يتسبب بإطالة أمد التقاضي وتأخير الوصول للحق، فولدت نظرية المحاكمة (بمثابة الوجاهية) إلى جانب المحاكمة الوجاهية (الحضورية) والغيابية، وتمَّ الاستغناء عن المحاكمة الغيابية، مع التشدد بإجراءات تبليغ المدعى عليه لضمان تبلغه الدعوى، لدرجة إخطاره بأنه إذا لم يحضر المحاكمة ستجري بحقه بمثابة الوجاهية وليست غيابية بمعنى أنه فقد الحق بإعادتها مجدداً، وزيادة في الحيطة، ونتيجة الخشية من إساءة إجراءات التبليغ للوصول لمحاكمة بمثابة الوجاهي، تم إقرار وسيلة طعن غير عادية بالحكم القطعي تدعى (إعادة المحاكمة) إذا وقع من الخصم غش كان من شأنه التأثير في الحكم.
وزيادة في الحيطة أيضاً طوَّر العمل القضائي دعوى "الانعدام" فأضحى يعدم الحكم القضائي إذا صدر بدون أن تنعقد الخصومة بشكل سليم وإجراءات صحيحة، ووجهت التبليغات إلى موطن لا يقيم فيه المدعى عليه.
ويجب الانتباه أن هذا الاتجاه في نمط المحاكمة بمثابة الوجاهي تمّ إقراره فقط في الشق المدني من المحاكمات، ولم يُأخذ به في الشق الجزائي، لأن محاكمة المدعى عليه فيها قد تؤدي لسجنه وفقدانه حريته مدة من الزمن، لذلك كان لزاماً من الناحية الأخلاقية التمسك بأقصى قواعد العدالة، وتمكين المدعى عليه من الدفاع عن نفسه ولو على حساب الوقت الضائع.
وهذا ما يفسر عدم إخطار المدعى عليه في القضايا الجزائية، والسير بالمحاكمة بحقه غيابياً إذا لم يحضر، وصدور الأحكام الجزائية قابلة للاعتراض وإعادة المحاكمة، ولكن المشرع احتاط لتحايل المدعى عليه في القضايا الجزائية وأقر مبدأ المحاكمة بمثابة الوجاهية إذا تغيب المدعى عليه بعد تبلغه بالذات، أو بعد حضوره إحدى الجلسات، لأن هذا دليل قاطع على معرفته بوجود محاكمة بحقه، يجب أن يدافع عن نفسه فيها.
لذلك قام القانون الجديد بتصحيح الخطأ النظري القانوني الوارد بالمادة 114 بالقانون السابق الذي كان ينص:
((إذا حضر المدعي أو المدعى عليه في أية جلسة اعتبرت الخصومة وجاهية في حقه ولو تخلف بعد ذلك))
إذ من غير المنطقي أن تسير المحاكمة وجاهية بحق من تخلف عنها كما ورد بهذا النص، وتم تصحيح الخطأ بالمادة 115 الجديدة التي صارت تنص:
((إذا حضر المدعي أو المدعى عليه في أي جلسة وتغيب أي منهما بعدها جرت المحاكمة بحقه بمثابة الوجاهي))
-------------------------
كان القانون السابق يخيّر المدعى عليه السير بالدعوى أو شطبها إذا تغيب المدعي في الجلسة الأولى (المادة 115 سابق)، وكان هذا النص يسبب بعض الإرباك فعلاً فعدله القانون الجديد بإضافة حالة تغيب المدعي في أي جلسة لاحقة أيضاً شرط أم يكون مبلغ الجلسة بشكل أصولي. وأخذت المادة الرقم 116 في القانون الجديد.
----------------------
في إخطار المدعى عليه:
كان القانون السابق يلزم المحكمة بتحرير مذكرة إخطار للمدعى عليه ليحضر جلسة المحاكمة، في حال لم يتبلغ الجلسة بالذات.
جرت تعديل منطقي لهذا الحكم في القانون الجديد (المادة 117)، وأعفى المحكمة من تحرير هذا الإخطار إذا كان المدعى عليه قد تبلغ جلسة المحاكمة بواسطة أحد الأصول أو الفروع أو الزوج، إذ من غير المنطقي ألا يقوم هؤلاء بتبليغه مذكرة المحكمة نظراً لدرجة القرابة معه، واستبعاد احتمال الخلاف أو العداء معه بدليل الإقامة معه بموطن واحد.
وبالتالي حسب القانون الجديد لم يعد هناك من داعٍ لإخطار المدعى عليه إذا تبلغ مذكرة الدعوى بالذات أو بواسطة أحد أصوله أو فروعه أو زوجه،
ويخطر إذا تبلغ لصقاً أو بواسطة مستخدمه، أو قريب آخر مقيم معه غير المذكورين آنفاً.
للبحث صلة إن شاء الله .....
الأربعاء يناير 20, 2016 10:23 pm من طرف ﻧﺎﻳﻒ الشيخ