المبادئ الجديدة في قانون أصول المحاكمات /1/ لعام 2016 (21)
------------------------------------------------------------------------
في الأثر القانوني للاستيضاح الذي يقوم به رئيس التنفيذ:
أضاف القانون نصاً جديداً على الحالة التي تسمح لرئيس التنفيذ بالاستيضاح من المحكمة مصدرة الحكم عما يرد فيه من الغموض، يفيد بأن ذلك:
((لا يحجب الايضاح عن المتضرر استعمال حقه وفق أحكام المادة /218/ من هذا القانون)) (المادة 278/ ب). أي حقه برفع الدعوى التفسيرية.
في الواقع يبدو قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا النص تحصيل حاصل، إذ لم يكن هناك في القانون السابق ما يمنع من استعمال هذا الحق، ولكن هناك خلفية لإقراره في القانون الجديد يجدر التطرق إليها،
لقد سكت القانون السابق عن النص فيما إن كان هذا القرار الصادر عن المحكمة بالإيضاح يقبل الطعن أم لا، فاجتهدت الهيئة العامة لمحكمة في العام 1959 بقرارها رقم 391، بأن هذا القرار يخضع إلى الطرق المعتادة للطعن بأساس الحق،
ثمَّ أقرت الهيئة العامة في العام 1962 مبدأ يقضي بأن التفسير بناء على طلب رئيس التنفيذ لا يحول دون لجوء الطرفين إلى المحكمة للمطالبة بإعادة تفسيره بطريق الدعوى التفسيرية، (هيئة عامة قرار 291 – تاريخ 26/ 5/ 1962)
ولكن الهيئة العامة لمحكمة النقض في العام 1979 عدلت عن الرأي الذي أقرته في العام 1959 وأقرت مبدأً آخراً يقضي بـ:
((عدم جواز الطعن بالقرار التفسيري الصادر بناء على طلب رئيس التنفيذ، لأنه صادر عن المحكمة بالصفة الولائية والأخذ بالمبدأ القائل بإعطاء أطراف الدعوى حق طلب إعادة التفسير وإلغاء كل اجتهاد مخالف)) (الهيئة العامة لمحكمة النقض -قرار 41 – أساس 65 – تاريخ 22/ 10/ 1979- مجموعة طعمة – ج4 – قا 1810)
وهو ما أقره القانون الجديد، ولكن يؤخذ عليه اجتزاء الاجتهاد، وعدم النص بإن القرار الصادر بالإيضاح بناء على طلب رئيس التنفيذ لا يقبل الطعن.
كما يؤخذ على النص الجديد استخدامه مصطلحاً ضيقاً وملتبساً، إذ أنه أعطى الحق لـ (المتضرر) بإقامة الدعوى التفسيرية، في حين أن الأدق إعطاء هذا الحق لـ (لأطراف) حسماً لأي جدل أو تأويل حول ماهية المتضرر.
------------------------------
في البتّ بالطلبات التنفيذية:
أبقى القانون الجديد على حدود وصلاحية رئيس التنفيذ بالبت في جميع الطلبات والاشكالات التنفيذية بالاستناد إلى أوراق الملف. (المادة 279/ آ)، وهذا يعني أن رئيس التنفيذ لا يسمع شهود ولا يوجه اليمين، ولكن القانون الجديد حذف عبارة:
(بدون دعوة الخصوم) التي كان ينص عليها القانون السابق.
ويجب تفسير رفع الحظر عن رئيس التنفيذ بدعوة الأطراف تفسيراً ضيقاً، فهو لا يعني استجوابهم وسماع أقوالهم، وإنما يقصد به دعوتهم للجواب على أقوال بعضهم البعض، أو الاطلاع على ما تمَّ من الإجراءات التنفيذية، وهو ما كان مطبقاً بالفعل في عهد القانون السابق،
ذلك أن القانون الجديد لم يتبن أي منحى باتجاه تعديل صلاحيات رئيس التنفيذ وزيادتها وإضفاء المرونة عليها تبعاً لطبيعة السند المطروح بالتنفيذ،
وفي هذا الصدد لابد من توجيه النقد للإبقاء على السلطة المحدودة لرئيس التنفيذ وخاصة إذا كان السند المطروح بالتنفيذ عقد رسمي أو دين ثابت بالكتابة، إذ لربما يرد به غموضاً أو جهالة ينبغي إزالتها، وبالتالي يغدو منطقياً إيجاد آلية له لإزالة هذا الغموض أو الالتباس أو التناقض.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، من غير المقبول أن تكون سلطة رئيس التنفيذ، عندما لا يكون السند المطروح بالتنفيذ حكماً قضائياً، محدودة لدرجة تمنعه من وقف الإجراءات في حال الطعن بتزوير السند وإقامة الدعوى بتزويره أمام قاضي التحقيق الذي لا يحق له أيضاً البت بطلبات مثل وقف التنفيذ، إذ كان الاجتهاد القضائي في ظل القانون السابق يقضي:
((لا يملك رئيس التنفيذ وقف التنفيذ بناء على بيان بدعوى جزائية وبقاعدة "الجزائي يعقل المدني" وإنما يعود وقف التنفيذ لمحكمة الموضوع)) (استئناف دير الزور – ق 37 – تا 21/ 5/ 1967 – المحامون لعام 1967 – ص133).
لذلك نرى أنه كان يجدر بالمشرع فيما يتصل بتنفيذ العقود الرسمية، أو الديون الثابتة بالكتابة، أن يتبنى فلسفة أكثر مرونة من تلك التي انتهجها القانون السابق، تناسب طبيعة السند المطروح بالتنفيذ، فالبون شاسع بين تنفيذ منطوق الحكم القضائي، وتنفيذ العقد الرسمي أو سند الدين الثابت بالكتابة.
للبحث صلة إن شاء الله
الجمعة يناير 22, 2016 2:16 am من طرف ﻧﺎﻳﻒ الشيخ